في ظل تصاعد التأييد لما يسمى بـ"الجهاد الإلكتروني" وتباين الآراء حول ذلك، أكد شرعيون دعمهم ذلك بحجة أن "كل نكاية في العدو ونصرة للدين بأي وسيلة هو أمر مشروع"، معتبرين أن من يقوم بذلك "من شباب الإسلام يعتبر عملهم من الجهاد".
فيما رأى أصحاب الرأي الآخر أن "إعطاب الأجهزة الإلكترونية لدى العدو قد يصلح وفق حسابات معينة، وقد يضر إذا استخدم في غير وقته"، معتبرين أن المتعاطفين "مع إسرائيل في كل دول العالم كثيرون، وقد يدخلون في هذه المعركة وهذا يوسّع من دائرة الضرر".
ومن جهته، يقول أستاذ الدارسات العليا الشرعية الشيخ الدكتور فهد بن سعد الجهني إن "الجهاد في الإسلام مفهوم واسع، وهذا يعتمد على النظر في نصوص الكتاب والسّنة التي ورد فيها ذكر الجهاد، ومن أنواعه: الجهاد بالنفس والمال واللسان، وهذا النوع الأخير يدخل فيه الجهاد بالفكر والتأليف والدعوة إلى الله".
واعتبر د. الجهني أن "كل نكاية في العدو ونصرة للدين بوسيلة مشروعة وفق قواعد الشرع، ومن هنا: فإن نصرة الدين لها مجال واسع وفسيح عن طريق المواقع الإلكترونية، وهو ما يسميه البعض الجهاد الالكتروني"، مضيفاً أنه "لا مشاحة في الاصطلاح والعبرة بالمضمون ومدى موافقته للمنهج الشرعي".
وأضاف: "لذلك فإني أرى أن أبناء المسلمين الذين يجتهدون في الإفادة من هذا الباب الواسع في محاربة الفكر المنحرف أو تدمير المواقع المفسدة، وكذلك مواقع المعتدين على أهل الإسلام الذين استولوا على مقدساتهم وانتهكوا أعراضهم كالصهاينة المعتدين، فإن محاربتهم بكل وسيلة مشروعة ومن كل وجهة هو من الجهاد"، مشترطاً "عدم تجاوز حدود الله في الخصومة".
"وضع الأمة لا يسمح به"
وإلى ذلك، أوضح الباحث الشرعي، عبدالله العلويط، أن الجهاد الالكتروني يقصد به "إعطاب الأجهزة الإلكترونية لدى العدو أو أخذ معلومات ذات أهمية خلسة منه"، مؤكداً أنه " كأي نوع من الجهاد قد يصلح وفق حسابات معينة، وقد يضر إذا استخدم في غير وقته وظرفه".
وتابع العلويط: "لا شك أن هذا الظرف الذي تمر به الأمة لا يسمح بإقامة أي جهاد ضد أيّ من أعدائها فهم متفوقون في كل شيء، وإذا قامت معركة إلكترونية فمن المتوقع أن تكون نتائجها سلبية لأن المتعاطفين مع إسرائيل في كل دول العالم كثيرون، وقد يدخلون في هذه المعركة وهذا يوسع من دائرة الضرر".
وطالب بـ"أخذ مثل هذه الأمور في الحسبان فهم أكثر وأقدر من الناحية العلمية والتكنولوجية، ولا يعد هذا تثبيطاً للجهاد؛ لأن الجهاد الأصلي هو الجهاد القتالي، وما عداه وسائل ضغط أو تضييق أكثر من كونها جهاداً، فالجهاد هنا كلمة مجازية، وبما أنها وسائل ضغط فلا ينطبق عليها أحكام الجهاد المعروفة".
ورأى أنه بالإضافة لذلك فالجهاد الالكتروني بهذه الطريقة "إضافة لكونها ليست محمودة أخلاقياً فهي أقرب إلى السرقة والتجسس والاختلاس، ولا تكون المعارك بهذه الطريقة فهي أشبه بنشر المخدرات في مجتمع العدو ولا تصلح إلا في حال إن نشبت حرب ويريد المقاتل تعطيل أجهزة الاتصال، أما والمعركة لم تقع فهو نوع من الإفساد فهو مثل لو أن شخصاً قام بإشعال حريق في أحد بنوكهم وليس هناك معركة".
آراء أخرى
وعلى مستوى أوسع بدت نبرة المؤيدين أكبر، فقد نقلت تقارير صحافية عن الشيخ جمال قطب، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر، تأييده لمواجهة القرصنة الإسرائيلية "لمنعهم من مهاجمتنا"، وإن رفض "إحداث ضرر لهم دون هجوم منهم".
فيما قال الدكتور مصطفى مراد، الأستاذ بجامعة الأزهر، إن "الجهاد الإلكتروني هو نوع من أنواع الجهاد، والأخير لا يقتصر على الجهاد بالسيف والسلاح أو بأي آلة من وسائل الإيلام، ولكنه متاح فيه كل ما من شأنه تحقيق الغرض من مهاجمة أعداء الله والتنكيل بهم، رداً على ما يقومون به من اغتصاب الحقوق وسلب المقدسات".
يُذكر أن بداية الدعوة لذلك أطلقها الكويتي الدكتور طارق السويدان، حيث دعا لضرورة تجميع جهود الهاكرز في "مشروع الجهاد الإلكتروني" ضد إسرائيل.
وتعد دعوة السويدان للجهاد الإلكتروني ضد إسرائيل أول دعوة منذ تفجر أزمة الهاكر الذي زعم أنه سعودي، فيما نفت الخارجية السعودية ذلك ونشرت بياناً رفضت فيه ما قام به من اختراق لمئات من بطاقات ائتمان إسرائيلية.
وبدأت هذه الحرب الإلكترونية أوائل يناير الحالي، عندما نشر أحد قراصنة الكمبيوتر (هاكر) يطلق على نفسه "إكس عمر" تفاصيل بطاقات الائتمان الخاصة بآلاف الإسرائيليين، بعد اختراق ما يزيد على 80 خادماً إلكترونياً إسرائيلياً. وقالت جماعة تطلق على نفسها "نايت مير" (كابوس) ضمته إليها، حيث عملا معاً على تعطيل العديد من المواقع الإسرائيلية، كان منها موقع سوق الأسهم الإسرائيلية، وموقع شركه الخطوط الجوية الإسرائيلية "العال".
وكرد فعل متوقع، نشر مخترقون إسرائيليون بطاقات ائتمانية قالوا إنها لسعوديين، زاعمين أنهم اخترقوا مواقع في السعودية والإمارات، فيما نفت مصادر سعودية أي اختراق لسوق "تداول"، وعززت البنوك السعودية والقطاعات المصرفية فيها إجراءاتها الأمنية.